يافا بعد الحرب: ثلاث نكبات متتالية 1948-1951 سقطت مدينة يافا بيد العصابات الصهيونية
في 14 أيار من عام 1948، بعد العديد من المجازر البشعة، ومقاومة أهلها الشرفاء والأبطال لتلك العصابات. هذه العصابات حين احتلت المدينة كان قد تبقى من سكانها ما يقارب 4 آلاف من أصل 120 ألف نسمة.
جمع الصهاينة جميع من بقي من العرب بالمدينة وقراها في حي "العجمي" تحت حكم عسكري، والذي استمر لمدة سنتين تقريبًا. في هذه الفترة تم إحاطة حي العجمي بالأسلاك الشائكة وبجنود يهود مع كلاب حراسة. وقد أطلق اليهود استنادًا على تجربتهم المريرة في أوروبا المصطلح "غيتو" على حي العجمي لأنه شابه ما عانوا منه بأنفسهم في أوروبا القاسية، النازيّة والعنصرية.
كانت أول نكبة لمن بقي بيافا هي الحرب وويلاتها. فقد خسر كل من صمد بالمدينة، معظم أبناء عائلته وأصدقائه ومعارفه وكل بيئته الإنسانية التي تربى بها وعرفها. كما تمّ طرده من بيته بالقوة ونقله إلى الحياة بحي العجمي، وحرمانه من معظم حقوقه الأساسية كالعمل والتعليم العالي، وحتى التنقل والخروج من حي إلى حي كان يتم فقط بموجب تصريح من الحاكم العسكري. كذلك تم تعريف الدول العربية كدول معادية، ومنع العائلات من إجراء أي اتصال مع أبناء عائلاتهم وأقاربهم. هكذا عاش الأهل بشعور مثقل بعدم الاستقرار والضياع بكل ما يتعلق بحاضرهم، مستقبلهم وكل ما جرى لأبناء العائلة الواحدة.
كذلك فقد اليافيون مكانة الأكثرية في وطنهم، وأصبحوا أقلية هامشية تحت احتلال استعماري ينكر حتى أبسط حقوقهم كبشر، ويعاملهم كأعداء. وفي عام 1950 ضمّت بلدية تل-أبيب مدينة يافا لسلطتها، وأصبحت بلدية واحدة تسمى بلدية تل أبيب- يافا، يشكل فيها السكان العرب ما يقارب %2 من السكان.
منذ اللحظة الأولى وضعت بلدية تل أبيب- يافا مخطط تهويد المكان، فغيّرت كل أسماء شوارع مدينة يافا إلى أسماء عبرية لقيادات الحركة الصهيونية أو أسماء غريبة عن المكان لا تمتّ له ولتاريخه العربي العريق بأي صلة. كما عملت على تغيير الطراز المعماري للمكان من خلال هدم جزء كبير من المباني القديمة، وهدم أحياء وقرى بكاملها.
كما وسيطرت الدولة على مناهج التدريس، وحاولت من خلال تزييف وتشويه تاريخنا ولغتنا، ضرب هويتنا وانتمائنا لشعبنا وأمتنا وتاريخنا، إلا أنها فشلت بذلك فشلاً ذريعاً.